شهدت الساعات الأخيرة تصعيدًا غير مسبوق من قبل المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله، حيث استهدفت المدن والمستوطنات الإسرائيلية بأكثر من 250 صاروخًا، ما أسفر عن تدمير عدد كبير من المباني والمنشآت. هذا الهجوم النوعي، الذي جاء في ظل التوترات المتصاعدة بين لبنان ودولة الاحتلال، أجبر حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو على مراجعة مواقفها. ويبدو أن الضغط الميداني والسياسي دفع تل أبيب نحو القبول بالمبادرة الأمريكية لوقف إطلاق النار، والتي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ بعد غد الثلاثاء.
المبادرة الأمريكية: بين الدبلوماسية والضغط الميداني
وفقًا لتقارير إعلامية لبنانية ودولية، فإن المبادرة الأمريكية لوقف الحرب ترتكز على هدنة لمدة 60 يومًا، تتضمن انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني في تلك المناطق. كما ستخضع الهدنة لمراقبة لجنة دولية مكونة من خمس دول برئاسة الولايات المتحدة، لضمان التزام الطرفين بالاتفاق.
الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون سيعلنان صباح الثلاثاء عن وقف العمليات العدائية، في خطوة تؤكد الدور المحوري للغرب في تهدئة الأوضاع، وسط مخاوف من أن يمتد التصعيد ليشمل جبهات أخرى في المنطقة.
موقف لبنان: صمت رسمي وترقب حذر
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي رفض التعليق على الأنباء المتداولة حول موافقة إسرائيل على اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدًا سياسة الحذر التي يعتمدها منذ بداية المفاوضات. من جانبه، أشار نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس بو صعب إلى أن لا عقبات جدية أمام تنفيذ الهدنة، مشددًا على أن الخطة تتضمن ضمانات دولية لانسحاب الاحتلال وانتشار الجيش اللبناني.
الهجوم الأخير: لماذا الآن؟
التصعيد الأخير لحزب الله يأتي في سياق استراتيجي مدروس. فالهجوم المكثف بعدد كبير من الصواريخ يُعدّ رسالة واضحة لتل أبيب، مفادها أن المقاومة مستعدة للذهاب إلى أقصى مدى إذا استمر العدوان. كما أن توقيت الهجوم يتزامن مع الضغوط الدولية المتزايدة لإنهاء الصراع، مما يعزز موقف المقاومة في أي مفاوضات مستقبلية.
إسرائيل في مأزق: خيارات محدودة وضغوط متزايدة
الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو تجد نفسها في موقف صعب. فاليمين المتطرف، الذي كان يدعو إلى الحسم العسكري، يواجه الآن ضغوطًا شعبية وسياسية نتيجة الخسائر المتزايدة وعدم قدرته على تحقيق إنجاز عسكري واضح. كما أن قبول المبادرة الأمريكية يعكس حجم المأزق الداخلي في إسرائيل، حيث باتت تتجنب الانجرار إلى مواجهة طويلة الأمد قد تهدد استقرارها الداخلي.
التوقعات: هل تصمد الهدنة؟
بالرغم من التفاؤل الحذر حول إمكانية التوصل إلى هدنة، فإن التساؤلات تبقى قائمة حول مدى صمودها. فغياب الثقة بين الطرفين، واستمرار الاحتلال في ممارساته العدوانية، قد يعيدان إشعال الجبهة في أي لحظة. ومع ذلك، فإن المبادرة الأمريكية تمثل فرصة نادرة لإعادة ترتيب الأوضاع على الأرض، خاصة إذا تم تنفيذها بجدية.
التحركات الأخيرة في الصراع اللبناني الإسرائيلي تؤكد أن المقاومة اللبنانية باتت قادرة على فرض معادلات جديدة، حتى في ظل التوازنات الدولية المعقدة. الهجوم غير المسبوق لحزب الله يبرز كعامل حاسم في تغيير مواقف إسرائيل ودفعها نحو القبول بحل سياسي مؤقت. لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستستغل الأطراف هذه الفرصة لإرساء سلام مستدام، أم أن الهدنة ستكون مجرد استراحة قصيرة قبل جولة جديدة من الصراع؟